في أكتوبر من سنة 1962 مـ بدأت أزمة الصواريخ الكوبية التي كادت أن تُحول الحرب الباردة بين أمريكا والإتحاد السوفييتي إلى حربٍ نووية شاملة، ودامت الأزمة لمدة 13 يوماً كان العالم فيها على بُعد ثوانٍ من الحرب النووية.
جذور الأزمة:
ثورة فيدال كاسترو:
في سنة 1969 مـ قام فيدال كاسترو بثورة ضد الزعيم الكوبي آنذاك باتيستا المُوالي لأمريكا، وبعد رفض الرئيس الأمريكي إيزنهاور دعم كاسترو عرض السوفييت عليه التحالف معهم وأن يكون تابعاً للمعسكر الشرقي الشيوعي فوافق.
تأثر فيدال كاسترو بالفكر الشيوعي وبدأ في تطبيق أفكارهم، فقام بتأميم الشركات الكوبية التابعة لأمريكا ورفض دفع تعويضات لها وهكذا أصبح لدى الولايات المُحدة الأمريكية نفوذٌ شيوعي على بُعد مرمى حجر من حدودها.
إجراءات الولايات المتحدة ضد كوبا:
قامت الولايات المتحدة الأمريكية بفرض حصارٍ اقتصادي على كوبا ومنعت عنها العديد من المُنتجات كما منعت عنها الموارد الطاقية مثل النفط، وفي سنة 1961 مـ أصبح جون كينيدي رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وأعطى الضوء الأخضر لبدء غزو كوبا عسكرياً.
لكن هذا الغزو كان باستعمال مُجندين متمردين كوبيين كانوا قد هربوا من كوبا بسبب الحكم الشيوعي لكاسترو، واستطاعت القوات الكوبية التغلب عليهم وقتلوا الكثير منهم في عملية سُميت بخليج الخنازير.
اكتسبت كوبا ثقةً كبيرة بعدما نجحت في إفشال مُخطط الولايات المُتحدة في خليج الخنازير، وسعى فيدال كاسترو إلى تعزيز مكانته أكثر عندما اتفق مع الإتحاد السوفييتي على توزيع صواريخ ذات رؤوس نووية على جزيرة كوبا موجهة نجو أمريكا للتصدي لأي محاولة جديدة من الولايات المتحدة لغزوها وإنهاء الحُكم الشيوعي عليها.
إنشاء قاعدة الصواريخ النووية على جزيرة كوبا:
في الـ 14 من أكتوبر سنة 1962 مـ تمكنت طائرة مراقبة أمريكية من رصد عدة مواقع صواريخ موجهة نحو أمريكا، كما تم رصد حوالي عشرين سفينة في المحيط الأطلسي تابعة للإتحاد السوفييتي تحمل صواريخ نووية هي الأخرى وكانت مُتجهة صوب جزيرة كوبا.
وتبلغ المسافة الفاصلة بين كوبا وولاية فلوريدا الأمريكية حوالي 90 كيلو متر أي أنها أصبحت في مجرى إطلاق الصواريخ السوفييتية، وكانت أيضاُ العاصمة واشنطن في مدى الصواريخ.
أهداف الإتحاد السوفييتي من الأزمة:
كانت لدى الولايات المُتحدة الامريكية قواعد لصواريخ نووية موجهة نحو الإتحاد السوفييتي في كل من إيطاليا وتركيا، حيث كان الرئيس السوفييتي خروتشوف يسعى للضغط على أمريكا لسحب تلك الصورايخ بتوجيه الإتحاد السوفييتي بدوره لصواريخ نووية من جزيرة كوبا.
كما سعى خروتشوف إلى تعزيز مكانته داخل الشارع السياسي السوفييتي بعد الضغط الذي مارسته عليه شخصيات سياسية وعسكرية لها وزنها في البلد، وكان يهدف إلى تقوية النفوذ الشيوعي للوقوف في وجه التيار الرأسمالي.
التنازلات التي قدمها الطرفان لإنهاء الأزمة:
أمر الرئيس الأمريكي جون كينيدي بفرض حصارٍ بحري على كوبا لمنع وصول السفن السوفييتة المشتبه في حملها لصواريخ نووية على متنها، وفي الـ 24 من أكتوبر عادت السفن السوفييتة أدراجها لتجنب أي مواجهة عسكرية مع السُفن الأمريكية.
في الـ 26 من أكتوبر تلقى كيندي رسالة من خروتشوف يعرض عليه إزالة الصواريخ التي على جزيرة كوبا بشرط أن تُقدم الولايات المتحدة وُعُوداً بعدم غزوها عسكرياً، لكنه بعث رسالة أخرى في اليوم التالي يقول فيها أن إزالة الصواريخ من كوبا لن تتم إلا بسحب أمريكا لصواريخها في إيطاليا وتركيا في تغير شديد في طريقة كلامه ما يُرجح إمكانية أنه قد تم الضغط عليه من شخصيات وازنة في القيادة السوفييتية.
وفي الـ 28 من أكتوبر أرسل خروتشوف رسالة إلى كندي مفادها أنه قد تمت الموافقة على إزالة الصواريخ النووية من كوبا، لتنتهي بذلك واحدة من أكثر الأزمات التي كادت أن تُلقي بالعالم إلى هاوية حربٍ نووية شاملة.
تعليقات
إرسال تعليق